samedi 31 janvier 2015

علاقة الإدارة المحلية بالتنمية الشاملة

مقدمة:
      تخضع السلطة الإدارية في تنظيمها إما إلى أسلوب المركزية الإدارية،إذ تتركز الوظيفة الإدارية في يد هيئة واحدة في العاصمة ، أو إلى أسلوب اللامركزية الإدارية إذ يتم توزيع الوظائف الإدارية بين السلطة المركزية و هيئات محلية مستقلة ، هذا الأسلوب يعرف بنظام الإدارة المحلية و التي تعتبر الوحدة الأساسية للإدارة و التسيير في إطار اللامركزية الإدارية ، وهي تشكل الوسيط بين الإدارة المركزية و المواطن والهدف منها هو إدارة مرفق محلي ذو نفع عام .
        وكون الإدارة المحلية ركيزة أساسية في التنظيم الاداري، فهي تملك سلطات وصلاحيات واسعة في العديد من مجالات الحياة المحلية ، تؤدي من خلالها دورا هاما في تحقيق التنمية الشاملة على المستوى المحلي بهدف تحسين حياة الأفراد وترقية الخدمات العمومية، لذلك ارتبطت الإدارة المحلية بمفهوم التنمية  الشاملة، التي تركز على استغلال كافة الامكانيات والموارد المتاحة محليا من أجل الارتقاء بالمجتمع المحلي في مختلف الميادين .
      ومن منطلق الاهتمام بالإدارة المحلية كأحد آليات  التنمية نسعى من خلال هذه الدراسة للأجابة على الأشكالية التالية:
                       كيف تساهم الإدارة المحلية في تحقيق التنمية الشاملة؟

و تدعيما لهذه الإشكالية قمنا بطرح التساؤلات التالية :
 1 - ما مفهوم الإدارة المحلية و التنمية الشاملة؟
3 – ما طبيعة العلاقة بين الإدارة المحلية و التنمية الشاملة ؟



المحور الأول:الإطار المفاهيمي للإدارة المحلية و التنمية الشاملة
أولا: مفهوم الإدارة المحلية
1- تعريف الإدارة المحلية:
         اختلف علماء السياسة و الإدارة على وضع تعريف دقيق و شامل لمصطلح " الإدارة المحلية " فلكا منهما تعريف وفقا للحقل العلمي الذي ينتمي اليه.
و يرجع هذا الاختلاف و التباين حول تعريف الإدارة المحلية إلى اختلاف و تمايز النظم السياسية و الاجتماعية التي نشا في كنفها النظام الإداري من جهة، و اختلاف وجهات نظر المفكرين وفقهاء القانون حول العناصر المكونة له من جهة أخرى ، و كذا لللأهمية النسبية التي يخضعها المشرع على أي عنصر من هذه العناصر .
و سيتجلى هذا الاختلاف من خلال استعراض تعريفات بعض المفكرين و الباحثين في مجال الإدارة المحلية
أ- في الفقه الإنجليزي: يعبر عن الإدارة المحلية بمصطلح " الحكم المحلي" حيث تعرف على أنها " حكومة محلية، تتولى هيئات محلية منتخبة، مكلفة بمهام إدارية و تنفيذية تتعلق بالسكان المقيمين في نطاق محلي محدد. و لها الحق في إصدار القرارات و اللوائح المحلية " .
ب- في الفقه الفرنسي: يعبر عن الإدارة المحلية بمصطلح اللامركزية المحلية و عرفها بأنها :" هيئات محلية تمارس اختصاصات إدارية و تتمتع باستقلال ذاتي " .
ج- في الفقه العربي : تتعدد تعار يف الدارة المحلية فهناك من يعرفها عل أنها : " أسلوب إداري يتم بمقتضاه تقسيم إقليم الدولة إلى وحدات ذات مفهوم محلي يشرف على إدارة كل هيئة إدارة عامة على أن تستقل كل هيئة بمواردها المالية و ترتبط بالحكومة المركزية بعلاقات يحددها القانون 
-  و يعرفها فريق آخر على أنها : " أسلوب من أساليب التنظيم الداري للدولة،و يقوم على فكرة توزيع السلطات و الوظائف بين الأجهزة المركزية و المحلية و ذلك لغرض أن تتفرغ الحكومة المركزية لرسم السياسة العامة للدولة .
 

و يعرفها سليمان الطماوي بأنها:" توزيع الوظائف الإدارية بين الحكومة المركزية ف العاصمة و بن هيئات محلية أو مصلحيه منتخبة بحيث تكون هذه الهيئات في ممارستها لوظيفتها الإدارية تحت إشراف و رقابة الحكومة المركزية .
و من خلال التعريفات السابقة يمكن أن نتبنى التعريف الآتي :
" الإدارة المحلية هي أسلوب من أساليب التنظيم المحلي، تتضمن توزيع الوظيفة الإدارية بين الإدارة المركزية و هيئات محلية منتخبة و مستقلة تمارس ما يناط لها من مهام و اختصاصات تحت إشراف و رقابة الإدارة المركزية".
2- مقومات الإدارة المحلية :
أ- وجود مصالح محلية متمايزة عن المصالح الوطنية ،إن اعتراف القانون بالتمايز الموجود حقيقة بين المصالح المحلية الإقليمية و المصالح الوطنية هو اعتراف بقدرة الهيئات المحلية على تلبية و إشباع حاجات المواطن المحلي .
ب- إنشاء و قيام أجهزة محلية مستقلة و منتخبة: تعهد قانونيا إدارة و تسيير المصالح المحلية إلى هيئات و أجهزة محلية مستقلة عن الإدارة المركزية وذلك بإضفاء الشخصية المعنوية عليها، و أن تكون منتخبة من سكان الإقليم ذاته .
ج- الخضوع للوصاية الإدارية: تمثل الإدارة المحلية صورة من صور الإدارة الذاتية حيث تقوم بتسيير شؤونها بواسطة منتخبها مع خضوعها لرقابة الإدارة المركزية تحت ما يعرف أشخاص الهيئات اللامركزية و أعمالهم قصد حماية المصلحة العامة . و تتجلى مظاهرها من خلال : 
- الرقابة على هيئات و مجالس الإدارة المحلية في حد ذاتها
- الرقابة على الأشخاص و الأعضاء في تلك الهيئات
- الرقابة على العمال و التصرفات الصادرة عن الإدارة المحلية



.
3- الأسباب  الداعية إلى تبني نظام الإدارة المحلية :
تعتبر الأسباب الداعية إلى تبني نظام الإدارة المحلية موحدة تقريبا في كل الدول و يمكن حصرها فيما يلي :
أ- تزايد مهام الدولة: كانت مهام الدولة القديمة تقتصر على مجالات الأمن و العدالة و الدفاع و مع ظهور المفهوم الجديد للدولة القومية  تطورت وظائف الدولة حيت أصبحت تعني المسائل الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و غيرها ، هذا التنوع في النشاط و التعدد في المهام فرض إنشاء هياكل لمساعدة الدولة في الدور المنوط بها و المتمثلة في الإدارة المحلية .
ب- التفاوت بين أجزاء إقليم الدولة ك تختلف الأقاليم من الناحية الجغرافية فهناك المناطق الساحلية و المناطق القريبة من العاصمة و المناطق البعيدة عنها ، كما تختلف من حيث تعداد السكان ، و الإمكانات السياحية و الثروات الطبيعية مما يغرض بالضرورة الاستعانة بادرة محلية لتسيير شؤون ذلك الإقليم.
ج- الديمقراطية: الإدارة المحلية تفتح الطريق أمام مشاركة المواطنين في شؤون الحكم كل في نطاقه المحلي. 


ثانيا : مفهوم التنمية الشاملة
1- تعريف التنمية الشاملة :
تعرف التنمية الشاملة على أنها  عملية تحول تاريخي متعدد الأبعاد يمس الهياكل الاقتصادية ، الاجتماعية و السياسية ، كما يتناول الثقافة الوطنية ، و هو مدفوع بقوى داخلية و ليس مجرد استجابة لرغبات قوى خارجية ، و هو يجري في إطار مؤسسات سياسية تحظى بقبول عام و تسمح باستمرار التنمية .
2- عناصر التنمية الشاملة  :
تدرج ضمن التنمية الشاملة أربعة عناصر أساسية  لابد أن تتوفر كلها معا :
أ- الشمول : بمعنى أن التنمية المتكاملة يجب أن تغطي برامجها كافة مجالات احتياجات المجتمع ، صحة اقتصاد، التعليم ، الثقافة، العمران، و أن تكون موجهة إلى جميع فئات المجتمع من رجال ، نساء، أطفال و شباب .
ب- التوازن : و يعني تحديد معدلات الاستثمار في كل مجال بالنسبة الملائمة، حيث قد يقتضي الأمر في ظرف ما زيادة الاهتمام بالخدمات التعليمية أو الصحية أو الاقتصادية آو المرتبطة بالطفل و تعديل نسب هذه البرامج أو درجة الاستثمار فيها في مجتمع ما، كما يتناول التوازن أيضا دور الجهود الحكومية و غير الحكومية .
ج- التنسيق: و مع صفة الشمول و التوازن يتطلب الأمر أيضا قدرا مناسبا من التنسيق لمنع التداخل بين البرامج ، و لتحديد الأدوار و ترقيتها على ضوء وضوح أهداف عملية التنمية. 
د-  التعاون و التفاعل الايجابي: يجب أن يكون هناك تعاون و تأثير متبادل بين أنشطة المجتمع و عناصر الحياة الاجتماعية، سواء كانت أجهزة التنمية حكومية أو غير حكومية، و يتعين إيجاد المناخ و التنظيم الملائمين و البناء الايجابي بين هذه الأجهزة حتى يكون تأثيرها المتبادل ايجابيا .كما أن معيار نجاح أي تنمية إنما يكون بتكامل أنشطتها لتحقيق مستوى معين من التطور ، و لا يأتي ذلك إلا بتخطيط محكم قائم على أساس من الاختصاص العلمي و ليس على التنبؤات الشخصية 





3- عوامل نجاح التنمية المحلية الشاملة :
-  توفر الإطار التشريعي و القانوني الذي يمنح للمجالس المحلية السلطات و الصلاحيات الواسعة و الاستغلال المالي و يرفع الوصاية في تدبير الشأن الجماعي على مستوى التسيير و على مستوى البحث عن موارد جديدة
- توفر الكفاءة العالمية و القانونية في المترشح لعضوية المجالس المحلية و هي مسالة ضرورية لحماية مصالح الجماعة من الوقوع في أيدي ممثلين يفتقدون القدرة على تدبير الشأن العام او انتهازيين
- تثمين المبادرات المحلية و اقتراحات تنظيمات المجتمع المدني و كذا البرامج الجزائية
- توفر قدرة من التمويل المحلي و العمل على تنويع الاستثمارات
- تشجيع الشراكة بين المجالس المحلية و القطاع الخاص و منظمات المجتمع المدني في المشاريع التنموية على المستوى المحلي
- إشاعة قيم الشفافية و المحاسبة و المشاركة 



ثالثا: الفواعل المحلية في تحقيق تنمية شاملة
     إن التنمية تحتاج إلى تنظيم و التنظيم يحتاج إلى حركة و فاعلية تتمثل في الإدارات التي تقوم بمهام التخطيط، التوجيه، الرقابة، و على هذا الأساس يكون للعمليات الحق في إدارة شؤونها المحلية و وضع الخطط و التنظيمات الكفيلة بتحقيق أهداف الإدارات و المصالح المحلية ، و تتمثل الإدارات المحلية المنوطة بتحقيق تنمية شاملة في :
1- البلدية:
البلدية هي الجماعة الإقليمية القاعدية للدولة ، تتمتع بالشخصية المعنوية و الذمة المالية المستقلة و تحدث بموجب القانون، و هي تعد القاعدة الإقليمية للامركزية و مكان لممارسة المواطنة ، و تشكل إطار مشارك المواطن في تسيير الشؤون العمومية .
تنشأ البلدية و تعين حدودها الإدارية بموجب مرسوم يصدر من طرف رئيس الجمهورية بناء على قرار من وزير الداخلية و الجماعات المحلية، كما أن تغيير اسم البلدية آو تعيين مقرها أو تحويله يتم بموجب مرسوم يتخذ بناء على قرار من وزير الداخلية و بعد استطلاع راي الوالي ، و باقتراح من المجلس الشعبي البلدي .
ففيما يخص ضم أو فصل بلدية أو عدة بلديات عن بلدية واحدة يتم بناء على قرار من وزير الداخلية بالإجماع مع والي الولاية و المجالس الشعبية البلدية .
أما عن هيئات تسيير البلدية فان المادة 13 من القانون البلدي نصت على أن " هيئتا البلدية هما المجلس الشعبي البلدي، رئيس المجلس الشعبي البلدي "
2- الولاية :
الولاية هي الجماعة الإقليمية للدولة ، و تتمتع بالشخصية المعنوية و الذمة المالية المستقلة ، و للولاية هيئتان هما : المجلس الشعبي الولائي و الوالي .
و قد صدر ميثاق الولاية في 28 مارس 1996 و تبعه قانون الولاية بالأمر رقم 69-38 المؤرخ في 23 افريل 1969 ، حيث اعتبر الولاية كوحدة تصل بين الدولة و البلديات ، فهي لا تعد خلية لا مركزية فقط بل هي أيضا دائرة إدارية تعكس نشاط الإدارات المركزية .
تتمتع الولاية بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي و تقوم بنشاطات سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية تحت رقابة السلطة المركزية و يتولى ادارة الولاية كل من الوالي و المجلس الشعبي الولائي ، بالاضافة الى اجهزة الادارة العامة للولاية ، فموجب المرسوم التنفيذي رقم 94-215 المؤرخ في 23 جويلية 1994 اصبحت الادارة العامة للولاية تقوم على : الامانة العامة، المفتشية العامة، الديوان ، و رئيس الدائرة. يتم انشاء الولاية بواسطة قانون يحدد اسمها و مركزها الاداري و الحدود الادارية لها.

 .
3- الدائرة:                                                                                                                                                  
 لقد أضاف المشرع الجزائري خلية أخرى إلى جانب البلدية و الولاية إلا وهي الدائرة ، و تلعب دور الوسيط بين البلدية و الولاية و تعتبر مقاطعة إدارية تنشأ و تعين حدودها وفق القانون 81-02 المتمم لقانون الولاية . و تعرف الدائرة على أنها مقاطعة إدارية تابعة للولاية و تضم مجموعة من البلديات ، تعين وفق مرسوم وزاري ، تعتبر همزة وصل بين البلدية و الولاية ، يرأسها رئيس دائرة بمرسوم رئاسي و بالتالي لا تتمتع بشخصية معنوية و استقلال مالي .



المحور الثاني : علاقة الإدارة المحلية بالتنمية الشاملة
أولا : الإدارة المحلية و التنمية الاقتصادية
تعريف التنمية الاقتصادية المحلية :
تعبر التنمية الاقتصادية عن كل الجهود التي تستهدف تحقيق نمو اقتصادي و تنويع الاقتصاد و جعله متعدد الهياكل و تطوير الوسائل المساعدة للقيام بذلك
- أما عند الحديث عن التنمية الاقتصادية المحلية فهي تعبر عن العمل عل بناء القوة الاقتصادية لمنطقة ما محليا و ذلك بغية تحسين مستقبلها الاقتصادي و مستوى نوعية الحياة لسكان تلك المنطقة و تزايد الاعتماد على المدخرات المحلية كمصدر للاستثمار .
- إذن فالتنمية الاقتصادية المحلية هي تلك العملية التي تعمل من خلالها المجالس المحلية على خلق الظروف الأحسن لتحقيق نمو اقتصادي و مستوى حياة محسن للجميع و هي تهدف إلى وضع مخططات يكون الغرض منها تطوير الوضعية الاقتصادية للمجموعة المحلية سواء كانت في الجانب الصناعي التجاري الفلاحي  و ذلك أساس على أن الجانب الاقتصادي ينعكس على باقي جوانب الحياة . (1) 
- لذلك تسعى الإدارة المحلية جاهدة على تحقيق تنمية اقتصادية على المستوى المحلي من خلال :
المساهمة في إعداد خطط التنمية و الاستفادة من الإمكانيات الاقتصادية المحلية و توجيهها نحو المشروعات الانتخابية و الخدمية، لخلق فرص عمل لمواطني الوحدات المحلية ، و تشجيع تجميع رؤوس الأموال المحلية و توجيهها نحو مشروعات استثمارات (2)
فالبلدية تعمل عن طريق المجلس الشعبي البلدي على تطوير الأنشطة الاقتصادية المسيطرة في برنامجها التنموي و تشجيع المتعاملين الاقتصاديين ، كما يعمل على توجيه و تنسيق و مراقبة الأنشطة المحلية، و بالتعاون مع الهيئة التنفيذية البلدية ، يطالب المجلس بإحداث تعاونيات إنتاجية و أجهزة التنسيق و التسويق للإنتاج الفلاحي و تشجيع الاستثمارات الفلاحية ، كما يقوم المجلس بإعداد و تحضير برامج إنعاش المنتجات الفلاحية، و تموين أعضاء التعاونية بالتجهيزات و الخبرات .


فالبلدية تقوم بكل مبادرة أو عمل من شانه تطوير النشاط الاقتصادي و ذلك عن طريق حق المبادرة بإنشاء مشروعات و البحث عن النشاط الاقتصادي .
في حين تساهم الولاية في خلق و تحديد المناطق الصناعية التي سيتم إنشاؤها أو التي سيتم إعادة تأهيلها، كما أن للمجلس الشعبي الولائي أن يطور أعمال التعاون و التواصل بين المتعاملين الاقتصاديين من اجل ترقية مختلف القطاعات الاقتصادية )الصناعي،التجاري و الفلاحي) قصد ضمان محيط ملائم للاستثمار.
إضافة إلى ذلك تتكفل الولاية بالتنسيق مع نشاطات البلديات القيام بعمليات استثمار تستغل فيها رؤوس الأموال المخصصة لها و بالتالي تحسين الدخل الفردي .(1)


ثانيا: الإدارة المحلية و التنمية السياسية
تعريف التنمية السياسية :
       هي التنمية التي تقوم بتفعيل الديمقراطية من مشاركة سياسية و حرية رأي و تعبير و ضمان احترام الحريات الأساسية كما قوم التنمية السياسية على ترشيد الحكم و إقامة دولة الحق و القانون .
- تقوم الإدارة المحلية بالتنمية السياسية على المستوى المحلي من خلال تقريب السلطة من المواطنين و أفراد  المنطقة محليا حيث تمكن من الاتصال المباشر بين المواطنين و ممثلي الإدارة المحلية من خلال عقد اللقاءات و الاجتماعات و الندوات و الحملات التحسيسية بضرورة المشاركة السياسية للمواطن من خلال اختيار من يمثله في المجالس المحلية باعتبارها الجماعة القاعدية التي يلجأ إليها المواطن و يتعامل معها مباشرة في حل مشكلاته و تلبية حاجياته .
هذا بالإضافة إلى إتاحة فرص التنشئة السياسية للمواطنين و الوعي السياسي أي بنشر الثقافة السياسية لدى الأفراد و متابعتهم لكل المستجدات السياسية (تنمية روح المواطنة )
تعمل الإدارة المحلية على تحقق تنمية سياسية على المستوى المحلي بتنمية قدرات الجماهير على إدراك مشكلاتهم ( السياسية) بوضوح و تنمية قدراتهم على تعبئة كل الإمكانيات المتوفرة لمواجهة هذه التحديات و المشاكل إذن تعمل الإدارة المحلية على تعزيز روح الانتماء و الانجاز مما يساعد على تحقيق الاستقرار المحلي .
- العمل على جعل نتائج الانتخابات أكثر شفافية و مما سبق ذكره فيما يخص دور الإدارة المحلية في تحقيق التنمية السياسية تستنتج أن للإدارة المحلية أيضا دور في القضاء على الأزمات السياسية و المتمثلة في :
- أزمة المشاركة السياسية: هو مجتمع للأشخاص التعبير عن أرائهم و لا يسمح بالنقد و المراقبة
- أزمة الشرعية: و هو المجتمع الذي وصل حكامه للسلطة بطرق غير شرعية أو أدائهم السياسي ضعيف
- أزمة التمثيل: بمعنى وجود فئات داخل المجتمع لا تجد من يمثلها داخل النظام السياسي
- أزمة التغلغل: و هي عجز المؤسسات الإدارية و السياسية إلى الوصول إلى كافة أفراد المجتمع و معرفة متطلباتهم و جعلهم يحترمون القانون .
الشفافية من خلال إمكانية الاطلاع على محضر المداولات و الحصول على نسخة منه
ثالثا : الإدارة المحلية و التنمية الاجتماعية الثقافية
تعريف التنمية الاجتماعية
ينبغي الإشارة إلى انه لا يمكن الفصل بين التنمية الاجتماعية و التنمية الاقتصادية لارتباطهما ببعضهما البعض، إذ تعمل التنمية الاجتماعية على خدمة الإنتاج من ناحية و خدمة الإنسان من ناحية ثانية، كما تهدف التنمية الاقتصادية إلى رفع مستوى الدخل من ناحية و إلى توفير فرص متكافئة من الخدمات لأفراد المجتمع من ناحية أخرى (1) و بذلك يمكن تعريف التنمية الاجتماعية:  بأنها العملية الاجتماعية الواعية الموجهة نحو إيجاد تحولات في البناء الاجتماعي الاقتصادي ، بحيث تكون قادرة على تنمية طاقات إنتاجية مدعمة ذاتيا ، تؤدي إلى تحقيق زيادة منتظمة في متوسط الدخل الحقيقي للفرد، و في نفس الوقت تكون موجهة نحو تنمية علاقات اجتماعية سياسية تكفل زيادة الارتباط بين المكافئة و بين كل من الجهد و الإنتاجية كما تستهدف توفير الاحتياجات الأساسية للفرد و ضمان حقه في المشاركة و تعميق أمنه و استقراره في المدى الطويل .
- تعمل الإدارة المحلية على تحقيق التنمية في المجال الاجتماعي من خلال مجموعة من المؤشرات الأساسية التي نستطيع من خلالها الحكم على مدى التنمية في المجتمع:
الصحة: تتولى البلدية مجموعة من الوظائف في المجال الصحي للحفاظ على الصحة البشرية و ذلك بالسهر على المحافظة على النظافة العمومية، و طرق معالجة المياه القذرة ، و توزيع المياه الصالحة للشرب، إضافة إلى دورها في مكافحة ناقلات الأمراض المعدية   ، كما تلتزم البلدية بانجاز مراكز صحية قاعات للعلاج و صيانتها و ذلك في حدود قدراتها المالية (1) مع السهر على نظافة المواد الاستهلاكية المعروضة للبيع
و مع هذا فان للولاية أيضا دور في رفع مؤشرا للصحة إذ يتولى المجلس الشعبي الولائي في مجال الصحة العمومية انجاز الهياكل الصحية التي تتجاوز قدرات البلدية كما أن للولاية صلاحيات أخرى من شانها تنمية القطاع الصحي المحل و الحفاظ على سلامة المواطنين و يتمثل ذلك خاصة في تشجيع تدابير الوقاية من الكوارث و الآفات الطبيعية و المبادرة لانجاز أشغال التهيئة و التطهير و تنمية مجاري المياه في حدود إقليمها (2)


السكن (التهيئة العمرانية):
تقوم البلدية بور رئيسي في مسائل السكن التي هي شرط أساسي  للحياة العائلية، فهي تهدف إلى الحث على أي عمل أو برنامج في مجال الإسكان و التعمير و تطبيقه و مراقبته في مجالها الإقليمي و تحت على تسهيل انجاز السكنات و التجهيزات الجماعية الكفيلة بضمان أحسن الظروف السكنية و الحياتية للجماعات.
على مستوى البلدية بتشجيع كل مبادرة تستهدف الترقية العقارية على مستوى البلدية بحيث تشجع على إنشاء التعاونيات العقارية في تراب البلدية  و تشارك بالأسهم لإنشاء المؤسسات و شركات البناء العقارية .
في حين تعمل الولاية على تدعيم البلديات فيها يخص تطبق برامجها الإنسانية و تقوم بتقديم مساهمات لإنشاء المؤسسات و شركات البناء العقاري، بالإضافة الى المبادرة و المشاركة في ترقية برامج السكن المخصصة للإيجار، و المشاركة في عمليات الإصلاح و إعادة البناء بالتشاور مع البلديات
التضامن الاجتماعي أو النشاط الاجتماعي:
تعمل الإدارة الملية على المبادرة و التشجيع و المساهمة في برامج ترقية التشغيل لاسيما اتجاه الشباب ، و تساهم في كل نشاط اجتماعي يهدف إلى مساعدة الطفولة و المعوقين و المسنين و المعوزين و المتشردين و المرضى عقليا بحيث تتكفل بها في إطار السياسات العمومية و الوطنية .
في مجال الأمن و الخدمات الطارئة :
تعمل الإدارة العامة على الحفاظ على النظام العام بواسطة جهاز الشرطة آو الحرس البلدي، كما توفر وسائل الإسعاف في حالة ما إذا حذتث  كارثة مع وضع الاحتياطات الوقائية الأزمة لمواجهة الأخطار الكوارث هذا بالإضافة إلى حفظ امن مواطني البلدية و زائريها داخل الحدود الإقليمية للبلدية . (1)



في المجال الثقافي التعليمي :
تعريف التنمية الثقافية:
هي التنمية التي تمس قطاعات التربية و التعليم و العلوم و التكنولوجيا و النشاطات الثقافية من اجل تطوير الجانب الثقافي للمجتمع و القضاء على الأمية و رفع المر دودية المدرسية و رفع مستوى تعلم السكان (1) على صعيد المجتمع الوطني أما عن دور الإدارة المحلية في تحقيق التنمية الثقافية على المستوى المحلي فانه يظهر من خلال :
في مجال التربية : تتكفل البلدية بانجاز مؤسسات التعليم الأساسي و صيانتها، و القيام بكل إجراء من شانه أن يشجع التعليم ما قبل المدرسي و يعمل على ترقيته، كإنشاء مركز متخصصة و توظيف مدرسين مختصين في هذا المجال، زيادة على صيانة المساجد و المدارس القرآنية الموجودة في إقليمها و المحافظة على الممتلكات الدينية
في المجال الثقافي: تقوم  البلدية في المجال الثقافي بصيانة كل الهياكل و الأجهزة المكلفة بالشبيبة و الثقافة و صيانة المراكز الثقافية التابعة لها . لتنشيط الحياة الثقافية
و قد سلمت الحكومة في هذا الميدان للبلدية مهمة تسير جميع المؤسسات و المرافق المتعلقة بالثقافة الوطنية و منحتها حق الانتفاع بمداخلها، فأصبحت البلدية هي لتي تتولى تسير المصالح الثقافية كالمسارح و الملاعب.
و بما أن البلدية لا تعمل بمعزل عن الولاية فان دور هذه الأخيرة يتمثل في ك انجاز و صيانة مؤسسات التعليم الثانوي و التقني و مركز التكوين المهني، كما تسعى الولاية بموجب مخططاتها إلى إنشاء مرافق ثقافية و رياضية و ترفيهية، و تقديم دعمها و مساعداتها لهذه المرافق كما تتولى ترقية التراث الثقافي بالمنطقة بالتنسيق مع البلدية .
ملاحظة: ليست العبرة بعدد الهياكل المدرسية بل بالخدمة الحقيقية المقدمة فهناك العديد من المدارس مهجورة لانعدام المواصلات أو انخفاض عدد السكان بها بسبب انعدام أو إهمال التنمية في باقي المجلات الأخرى .


رابعا : الإدارة المحلية و التنمية الإدارية
تعريف التنمية الإدارية :
هي عملية مخططة هادفة و مقصودة تشمل الأفعال و السلوكيات التي تستهدف تحسين الهيكل و التنظيم و وضعية الأفراد داخل المنظمة ، و تحسين الخدمات التي تقدمها المؤسسات الإدارية و هذا في خدمة غاية أسمى و هي جعل الإدارة في خدمة التنمية و مواكبتها تغيرات الحاصلة  .
- تسعى الإدارة المحلية جاهدة لتطوير الخدمات الإدارية المقدمة للمواطن خاصة من حيث تخفيض التكلفة و سرعة المعاملات و هو ما جعلها تعمل على تأهيل الموارد البشرية العاملة في القطاع الإداري و تعمل على تقليص الفساد و القضاء على البيروقراطية عبر تسريع عملية صنع القرار و من اجل خدمة أفضل أصبحت الإدارة المحلية اليوم تتجه نحو تبني الإدارة الإلكترونية و توظيف تكنولوجيا المعلومات و الاتصال في تقديم تلك الخدمات و يتجلى ذلك من خلال الشروع في رقمنة مصالح الحالة المدنية ( مشروع البلدية الإلكتروني ) . 


خامسا:  الإدارة المحلية و التنمية البيئية  
تعريف التنمية البيئية:
هي تلك التنمية التي تهدف إلى حماية البيئة من التلوث و مختلف الاعتداءات خاصة نلوث الهواء و الماء و التربة و ذلك بوضع ضوابط معينة .
-  تعتبر الإدارة المحلية المؤسسة الرئيسية لتطبيق تدابير حماية البيئة لذلك فهي تسهر على النظام و الأمن العمومي و على النظافة العمومية و حفظ الصحة و ذلك من خلال :
* تسهر الإدارة المحلية على حماية الوسط الطبيعي و خاصة الاحتياطات المائية من أي صرف
* محاربة البناء الفوضوي و حماية المناطق الزراعية في مخطط التهيئة العمرانية
* مكافحة كل أشكال التلوث ( التلوث المائي، الجوي)
* تشجيع تأسيس جمعيات حماية البيئة
* الإدارة المحلية لها حق رفض أي مشروع يؤثر على البيئة
* إنشاء و توسيع و صيانة الطرق و الحدائق و المنتزهات
* صرف و معالجة المياه القذرة و النفايات الجامدة

 خاتمة :
من خلال ما سبق نستنتج أن الإدارة المحلية تؤدي دورا كبيرا و هاما في تحقيق التنمية الشاملة على المستوى المحلي و هذا بحكم أنها قريبة من المواطن و،و لكن ما يتضح من خلال الدراسة إن عمل الإدارة المحلية في سيرها نحو تحقيق تنمية شاملة في المستوى المحلي، لابد أن يكون في ظل الشراكة مع المجتمع المدني من جهة و القطاع الخاص من جهة أخرى لان الإدارة المحلية لوحدها عاجزة عن تلبية حاجات المواطنين المتزايدة ، كما أن الإدارة المحلية تصطدم بمجموعة من الصعوبات و العراقيل التي تؤثر على أداء دورها التنموي و ألخدماتي و تحول دون تحقيق الأهداف الموجودة و التي يمكن إيجازها فيما يلي:
- تضارب مصالح أعضاء المجلس مما يعرقل عملية لتنمية و يعيق تحقيق المصلحة العامة
- تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة داخل المجالس المحلية بوصول انتهازيين إلى المجالس المنتخبة
- محدودية الموارد المالية و إشكالية التمويل
- عدم كفاءة الإداريين و تدني مستواهم و كفاءتهم
و عليه تواجه الإدارة المحلة تحديات مثل في ترقيتها إلى مستوى المؤسسة العصرية القادرة على تقديم الخدمات و تسريع معاملات المواطنين و التواصل لمباشر مع المواطنين بتفعيل المشاركة و جعلها آلية لتحقيق التنمية الشاملة عبر تعبئة الجماعات و خلق الوعي و تعميم "مفهوم لجان الإحياء" عبر تبني إصلاحات شاملة .





قائمة المراجع
فئة الكتب

1 - أحمد عبد اللطيف رشاد ، أساليب التخطيط للتنمية ، المكتبة الجامعية ، الإسكندرية ، 2002 . 

2 - العمري بوحيط ، البلدية : إصلاحات ، مهام و أساليب ، شركة زغياش ، الجزائر ، 1997  

3- الطماوي سليمان محمد ،الوجيز في نظم الحكم و الادارة ، دار الفكر العربي للنشر ، القاهرة، ب س ن ، ص 369
4 - بعلي محمد صغير ، القانون الإداري ، دار العلوم للنشر و التوزيع ، عنابة ، 2004 .
5- بوضياف عمار ، الوجيز في القانون الإداري ، دار ريحانة ،الجزائر ، د س ن . 
6- شيحلي عبد الرزاق ، الإدارة المحلية : دراسة مقارنة ، جامعة مؤتة ، 2001 .
7 - طلعت محمود منال ، تنمية و المجتمع : مدخل لدراسة المجتمعات المحلية  ، المكتب الجامعي الحديث ، الإسكندرية ، 2010 .

8 - عبد المطلب عبد المجيد ، التمويل المحلي و التنمية المحلية ، الدار الجامعية ، الأسكندرية ، 2001 

 9- ناجي عبد النور ، الدور التنموي للمجالس المحلية في إيطار الحوكمة ، منشورات جامعة باجي مختار ، عنابة ، 2010 . 



فئة الرسائل و المذكرات
1- صافي محمد ، المجالس المحلية المنتخبة و دورها في تحقيق التنمية الشاملة ، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية و العلاقات الدولية ، جامعة الجزائر ، 2007 .
فئة الانترنيت:
1- القديمي محمود ، مفهوم الادارة المحلية و علاقته بالمفاهيم المشابهة ، 04/12/2012،http://dralqudumi.blogspout.com  ، 11:40

2- يومدين طاشمة، الحكم الراشد و مشكلة بناء قدرات الادارة المحلية في الجزائر، www.ermareo.com  تم التصفح يوم 8/12/1212 على الساعة 18:15 .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire