samedi 31 janvier 2015

نظام الجمعية -سويسرا أنموذجا -

   مقـدمــــــة:

   أثبت تجربة الديمقراطية المباشرة التي سادت قديما في اليونان،استحالة تطبيقها

 فعليا في الدولة الحديثة ونتاج ذلك ظهرت الديمقراطية النيابة كبديل عن

الديمقراطية المباشرة لكن حافظت على مبدأ حكم الشعب، وفي هذا الأسلوب الجديد

 من الديمقراطية يمارس الشعب الحكم من خلال ممثليه المنتخبين من طرفه ليعبروا


 عن إرادته وليتولوا إدارة شؤون الدولة بما يحقق المصلحة العامة.

       ويعد النظام المجلسي أحد النظم التمثيلية السائدة اليوم والذي اتضحت معالمه 

وخصائصه من خلال التجربة السويسرية، فنظام الحكم في هذه الدولة نظاما فريدا من 

نوعه بما ينطوي عليه من خصوصية مكنته من الحفاظ على استقراره وثباته 

واستمراره، بالرغم مما تشهده الساحة الدولية من اضطرابات تهدد استقرار أنظمة الحكم الهشة.



وعليه سنسعى من خلال هذا البحث للإجابة على الإشكالية التالية:

ما المقصود بالنظام المجلسي ؟ وكيف تم تجسيده فعليا من خلال التجربة السويسرية ؟

وانطلاقا من هذه الإشكالية قمنا بتقسيم البحث الى محورين أساسين، الأول خصصناه 

لمفهوم نظام الجمعية، حيث تضمن تعريفا للنظام ونشأته وتقييمه.أما المحور الثاني فقد خصصناه لدراسة النظام السويسري ، فتطرقنا من خلاله إلى نشأة الاتحاد والمؤسسات المشكلة لنظام الحكم فيه ثم العلاقة بين المؤسسات الرسمية في الاتحاد.

      وقد اعتمدنا في دراستنا على المنهج التاريخي الذي وقفنا من خلاله على نشأة 

نظام الجمعية وتتبع مسار تطوره من جهة ،وعلى نشأة الاتحاد السويسري وتطوره من 
جهة أخرى .وارتأينا إلى استخدام منهج دراسة الحالة لتسليط الضوء على واقع تطبيق 

النظام المجلسي من خلال التجربة السويسرية

بالإضافة إلى المقاربة المؤسسية التي من خلالها تطرقنا الى السلطات الرسمية التي 

يتكون منها نظام الحكم، وحاولنا تفسير علاقاتها الوظيفية.


المحـــــور الأول:تعريف نظام الجمعية ونشأته

أولا:تعريف نظام الجمعية

              النظام المجلسي أو نظام الجمعية هو صورة من صور النظام النيابي ( 

الديمقراطية النيابية ) ، وهو في مفهومه الواسع يعني ذلك النظام الذي يقوم على دمج 
السلطات  بيد هيئة واحدة، وبفعل التطور الذي طرأ على هذا النظام من الناحية 

التطبيقية فإن سلطة البرلمان أصبحت تعلو السلطة التنفيذية .

أما نظام الجمعية في مفهومه الضيق فيعرف على أنه ذلك النظام الذي يقوم على دمج 

السلطتين التشريعية والتنفيذية في يد هيئة واحدة منتخبة تملك سلطة إدارة

شؤون الدولة وهي البرلمان ،وقد خولت له هذه السلطة من منطلق أنه ممثل الشعب

والمعبر عن إرادته  والراعي للمصلحة العامة ومن جهة أخرى فإن سيادة الشعب

واحدة وغير قابلة للتجزئة.

*وللنظام المجلسي مجموعة من الخصائص نوجزها في: 

  1- تركيز السلطة بيد البرلمان: يعد تجميع السلطتين التشريعية والتنفيذية بيد 

البرلمان أهم خاصية تميز هذا النظام عن بقية الأنظمة النيابية والتي تنبع من مبدأ عدم 

قابلية السلطة للتجزئة.(3)

  2- تشكيل الحكومة من طرف البرلمان : إذ يتولى البرلمان اختيار أعضاء السلطة 

التنفيذية ، والتي تكون عبارة عن هيئة جماعية خاضعة للبرلمان وتقوم بتنفيذ ما يقرره 

وهو من يحدد صلاحيتها.(4)

   3- تبعية السلطة التنفيذية للبرلمان: على خلاف النظام البرلمان الذي يقوم على

ن التعاون بين السلطات ،والرئاسي الذي يقوم على الفصل المطلق بين السلطات ،فإ

 نظام الجمعية يقوم على خضوع السلطة التنفيذية خضوعا تاما للسلطة التشريعية.(1)


ثانيا:نشأة النظام المجلسي

   إن التتبع التاريخي لجذور هذا النظام يقودنا إلى الأفكار التي طرحها روسو و

التي تتمحور حول أن السيادة واحدة و غير قابلة للتجزئة وأن السلطة في الدولة

تكون بيد المواطن الذي يختار ممثليه في البرلمان ، هؤلاء يتولون التعبير عن

 سيادته من خلال ممارسة السلطة السياسية ،وأضاف روسو بأنه يمكن للبرلمان أن

 يعهد السلطة التنفيذية إلى هيئة يكون أعضاؤها خاضعين له ومسؤولين أمامه ولا

يحق للجهاز التنفيذي مساءلة أعضاء البرلمان .(1)

ولم يتم الأخذ بنظام المجلسي على نطاق واسع في العصر الحديث  فقد بدأت بوادره 

لأول مرة في بريطانيا بسبب الخلاف بين البرلمان والملك شارل الأول الذي انتهى بقيام 
حكم جمهوري لكن لم يدم طويلا ليسود الحكم الملكي مرة أخرى سنة 1659 (3).

وتم تطبيق هذا النظام أيضا في فرنسا على امتداد فترات متباعدة بدايتها كانت سنة 

ة1792 حتى 1795 ثم عقب الثورة سنة1848 ولم يدم طويلا وقد تولى المهمة  Cavaignac أنذاك خمسة أشخاص بتفويض من الجمعية الوطنية  ثم انفرد بها الجنرال ة     


وفي الجمهورية الفرنسية الثالثة ، وعلى اثر انهزام  نابوليون سنة 1871 أخذت فرنسا 
مجددا بنظام الجمعية وتم  اختيار تيير على قمة هرم الجهاز التنفيذي آنذاك ، وكان ذلك 
بموجب قرار يقضي بإمكانية عزله في أي وقت وهو ما طبق فعلا سنة 1873 ، ليأخذ مكانه المارشال مكماهون .

  ويرى البعض بأن دستور الجمهورية الرابعة الصادر سنة 1946 يجسد لنظام 

مجلسي فعلي من الناحية التطبيقية على عكس ما يبدو شكليا .                

       وقد طبقت سويسرا أيضا هذا النظام سنة  1874 ويتجلى ذلك من خلال محتوى 

المواد 71 و 85 و96 والتي أقرت صراحة سمو السلطة التشريعية في الاتحاد.

     وبالإضافة إلى فرنسا ، سويسرا ، بريطانيا هناك دول أخرى عديدة تبنت هذا 

النظام منها النمسا سنة 1920 ، الولايات المكونة لألمانيا الاتحادية  كبروسيا  

وتركيا هذه الأخيرة التي آل نظامها في عهد كمال أتاتورك إلى الدكتاتورية.

     قد يرى البعض أن النظام المجلسي يجسد الديمقراطية الحقيقية لأن السلطة

 في هذا النوع من الأنظمة تمارس بواسطة ممثلي الشعب المنتخبين، لكن هذا لا

يعني بالضرورة أنه نظام يخلو من العيوب وفي ما يلي أهم مزايا وعيوب هذا 

النظام. وفي ما يلي أهم مزايا و عيوب هذا النظام
أولا : مزايا نظام الجمعية   
    - انه الأكثر تجسيدا للديمقراطية مقارنة بغيره من الأنظمة النيابية الأخرى
- إن خاصية دمج السلطة التنفيذية وجعلها تابعة للسلطة التشريعية في هذا 

النظام،يجعل السياسات المتخذة أكثر شرعية.   
- طريقة تشكيل السلطة التنفيذية في هذا النظام وسيلة لجعل تنفيذ السياسات أكثر كفاءة 
وفعالية.

- دمج السلطات بيد البرلمان هو تطبيق سليم للديمقراطية المثالية التي تعتبر الشعب 

مصدر كل سلطة                                                      

ثانيا:عيوب نظام الجمعية                                                                        

- دمج السلطات بيد البرلمان ، يجعله يستبد ويطغى في ممارسة السلطة،تحت لواء الشرعية

 - يعتبر مبدأ دمج السلطات في يد هيئة واحدة سواء كانت السلطة التشريعية أو التنفيذية 
مخالفا لمبدأ الديمقارطية القائم على الفصل بين السلطات بشكل يضمن حسن تدبير 

شؤون البلاد.

المحور الثاني: النظام المجلسي في سويسرا

أولا: نشأة الاتحاد السويسري
              نشأ الإتحاد السويسري على اثر إبرام معاهدة " ميثاق الدفاع " سنة 

1291 بهدف التحالف ضد الخطر النمساوي والجرماني ونصت المعاهدة على إنشاء 

اتحاد كونفدرالي (1) والذي جمع بين ثلاث مقاطعات هي:
    Uri   .  unterwaldan .   schuitz                  

فتدخل نابوليون وتمكن من خلال قانون الوساطة من وضع دستور اتحادي دام إلى 

غاية 1815 وهي سنة وضع الميثاق الأعظم ومبدأ الحياد الدائم والتحالف، حيث تم 

التأكيد على توحيد التمثيل الخارجي ليتم سنة 1848وضع دستور جديد نقل سويسرا 

من الاتحاد الكونفدرالي إلى الاتحاد الفدرالي(دولة اتحادية) ،من خلال خلق هيئات 

فدرالية ذات سلطات تسمو سلطة المقاطعات التي  ظلت تتمتع بالاستقلال الذاتي في 

تسييرها ، وقد تم تعديل هذا الدستور في مراحل لاحقة وكان أبرزها في ماي 

1874 حيث تم إعطاء صلاحيات أوسع للهيئات المركزية .

ثانيا:المؤسسات المركزية في النظام السويسري

تتشكل الدولة الاتحادية في سويسرا من المؤسسات المركزية التالية:

     1- الجمعية الفدرالية: هو المصطلح الذي يطلق على السلطة التشريعية التي تمثل 

أسمى سلطة في الإتحاد السويسري ، وهي مكونة من مجلسين ، يمثل الأول الشعب ويسمى المجلس  الوطني
    ويتشكل بالانتخاب المباشر من طرف الشعب بحيث يمثل كل 25ألف ناخب نائبا 

واحدا، ولا يزيد مجموع النواب عن 200 نائب ،يمارسون مهامهم لمدة أربعة سنوات، 

ويجتمع المجلس في دورة عادية واحدة في السنة.

       أما المجلس الثاني فهو يمثل المقاطعات  ينتخب أعضاؤه بحسب القوانين الخاصة 

بكل مقاطعة ، وتمثل كل مقاطعة بنائبين أو نائب واحد عن نصف المقاطعة وللمجلس 

دورة عادية واحدة علنية ينتخب خلالها الرئيس ونائبه لمدة سنة. وتتخذ قرارات المجلس بأغلبية الأصوات ، أما قرارات الجمعية فتصدر باتفاق المجلسين.)

* اختصاصات الجمعية الفدرالية: تتمثل اختصاصات الجمعية الفدرالية فيما يلي: (3)

          - انتخاب أعضاء المجلس الفدرالي ونائبه ورئيسه.

          - إبرام الاتفاقيات الدولية وإقرار المعاهدات مابين المقاطعات

          - حفظ سيادة الدولة واستقلالها وحيادها

          - السهر على ضمان الأمن الداخلي وتطبيق دساتير المقاطعات

          - وضع الميزانية العامة وإقرارها

           - الإشراف على عمل الجهاز القضائي والإداري للدولة

          - انتخاب أعضاء المحكمة الاتحادية وتعيين قائد الجيش

     2- المجلس الفدرالييتشكل المجلس الفدرالي من سبعة أعضاء تنتخبهم الجمعية 

الفدرالية لمدة أربعة سنوات قابلة للتجديد ، أما رئيس المجلس الذي يعد رئيسا للاتحاد 

ينتخب لمدة سنة غير قابلة للتجديد إلا بعد مرور سنة كاملة على انتهاء ولايته.

يتولى المجلس المهام التنفيذية الموكلة إليه من طرف الجمعية الفدرالية ، أما رئيس الاتحاد فدوره شرفي لا يتعدى رئاسة المجلس وتمثيل الاتحاد في الخارج .)

وتجدر الإشارة إلى عدم إمكانية الجمع بين العضوية في المجلس الاتحادي و الجمعية 
الاتحادية ويختص المجلس الاتحادي بـ:)

    - تنفيذ القوانين والقرارات الصادرة عن الجمعية الاتحادية .

    - السهر على تطبيق الدستور الاتحادي ودساتير المقاطعات.

    - حفظ الأمن الداخلي للدولة الاتحادية.

ونظرا لتطور وتعقد العلاقات بين المقاطعات،اتسعت صلاحيات المجلس الاتحادي 

وأعطيت له سلطات إضافية في مجال القضاء و الاقتصاد لضمان التنسيق بين 

المقاطعات والحفاظ على الاستقرار.

    3- المحكمة الفدرالية: تتشكل من ستة وعشرون قاض و تسع مساعدين منتخبون من 
طرف الجمعية الفدرالية لمدة ست سنوات قابلة للتجديد، والترشح لعضويتها مفتوح أمام 

كافة المواطنين الذين توفر فيهم الشروط المطلوبة على أن لا يكون المتر شح عضوا في 

الجمعية أو المجلس الاتحادي،  وعادة يكون الأعضاء من بين المحامين المتمرسين.

تختص المحكمة بممارسة الرقابة الدستورية على القوانين الصادرة من المقاطعات 

دون الاتحاد وتعتبر محكمة استئناف للأحكام الصادرة عن محاكم المقاطعات وتتولى النظر في المنازعات بين المقاطعات.
ثالثا:طبيعة العلاقة بين المؤسسات الرسمية في النظام السويسري

1: من حيث طبيعة علاقة السلطة التشريعية بالسلطة التنفيذية

      يعد المجلس الاتحادي تابعا للبرلمان من الناحية العضوية ووظيفيا لا يمكن 

اعتباره مجلسا للوزراء،ذلك انه لا يملك برنامجا سياسيا خاصا ولا يسعه إلا تنفيذ 

السياسة التي يصنعها البرلمانيون

ولا يملك حق حل الجمعية أو دعوتها للانعقاد أو فض اجتماعها أو حتى وضع جدول 

الأعمال الخاص بها، كما لا يمكنه أن يقدم الاستقالة.(1) وفي مقابل ذلك نجد أن للبرلمان 
حق عزل أعضاء الهيئة التنفيذية ذلك انه من الناحية السياسية تكون هذه الأخيرة مسؤولة عن أعمالها أمام البرلمان الذي يملك أيضا حق حل نفسه .(2)

         ومن الناحية التطبيقية خفف الدستور السويسري من تبعية السلطة التنفيذية 

للسلطة التشريعية وجعل العلاقة بينهما أقرب إلى علاقة التعاون منها إلى التبعية ،إذ 

يسمح لأعضاء السلطة التنفيذية بتقديم اقتراحاتهم في شكل استشارات حول مواضيع 

محل نقاش من طرف البرلمان وبإمكانه دعوته للانعقاد في دورة غير عادية.وهوما جعل النظام السياسي السويسري يوصف بأنه نظام خاص وفريد. )


2: من حيث علاقة المقاطعات بالدولة الاتحادية  

           يقوم الاتحاد السويسري على "مبدأ حصر اختصاصات الدولة الاتحادية" 

الشيء الذي يجعل الاختصاصات غير المذكورة في هذا الحصر من اختصاص 

المقاطعات وتتولى عادة الدولة الاتحادية صلاحيات واسعة في المجال الدولي و تشترك 

مع المقاطعات في الصلاحيات الداخلية.


خاتمــــــــــــة : 

      من خلال ما سبق يمكن القول أن النظام المجلسي القائم على دمج السلطات الثلاث 

بيد البرلمان، يعد النظام النيابي الأكثر تجسيدا للديمقراطية الفعلية إذا ما طبق بشكل 

صحيح ، وأن تطبيقه غير الصائب يؤدي الى مزيد من الاستبداد والتعسف في استخدام 

السلطة الشيء الذي يجعله يؤول تدريجيا الى نظام شبه دكتاتوري.

     أما بخصوص تطبيق هذا النظام في سويسرا، فالملاحظ هو أن النظام السويسري تم 
تكييفه مع البيئة الداخلية بحيث أنه لا يشتمل على كل خصائص نظام الجمعية من الناحية 

الوظيفية، ويمكن أن نلمس ذلك على سبيل المثال في عدم امكانية عزل أعضاء المجلس 

الفدرالي قبل انتهاء عهدتهم من طرف الجمعية الاتحادية.

  وعلى الرغم من ذلك يبقى النظام السويسري نموذجا ناجحا لهذا النوع من الأنظمة 

الديمقراطية النيابية، وقد ساهم تبنيه في تجنيب سويسرا الوقوع في العديد من الأزمات 
السياسية التي تشهدها مختلف الأنظمة الديمقراطية وغير الديمقراطية القائمة في الوقت الراهن 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire